المحامي محمد الخضر يكتب :جناحي العدالة و الاوديو الكارثة.. القاضي و المحامي صنوان يكمل كل واحد منهما الأخر…

 

إهتز الوسط المهني أمس البارحة لأوديو مسرب من محادثة هاتفية استغرقت زهاء نصف ساعة من الوقت جمعت أطوارها بين اعضاء هيئة قضائية بغرفة الجنايات الابتدائية للدار البيضاء و رئيسة غرفة بمحكمة النقض حاليا كانت تشغل إلى عهد قريب مهام العضوية بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية أقل ما يمكن أن يقال عنه أو أن يوصف به أنه كارثة قضائية بكل المقاييس ستكون بنتائج وخيمة جدا على جسم لم يستفق بعد من فضيحة بني ملال وما تركته لدى عموم المتقاضين من أثار ناهيك عما تضمنه الاوديو المسرب من حمولة لغوية قدحية ومشينة استعملت فيها جميع عبارات السب والقذف والإهانة والتحقير وادعاء وقائع ماسة بكرامة وشرف السادة المحامين وإهانة هيئات منظمة قانونا بخطاب منحط لا يستساغ ان يصدر عن السادة القضاة اتجاه مؤسسة لها كيانها وكينونتها الضاربة في عمق التاريخ .

الأمر الذي يضرب في العمق مصداقية ونزاهة القضاء ومصداقية السلطة القضائية كتوابث مؤسساتية للدولة اضافة إلى ما تضمنه التسريب من خرق سافر للقانون جعلنا أمام التشكك المشروع وتوجيه القضاء والتأثير على القضاة وترهيبهم علنا مع ما صاحب ذلك من جنح تدخل في زمرة مقتضيات الفصول 447/1 و 447/2 من القانون الجنائي وغيرهاوبين هذا وذاك وبعيدا عن خطاب المظلومية والسخرية من واقعة لها ما لها من ترتيبات مستقبلية على مستقبل العدالة بالمغرب فإن ما يجب استخلاصه من دروس يقتضي منا طرح سؤال جوهري يؤرق منظومة العدالة والساهرين عليها…

هل فعلا استوعب السادة القضاة معنى استقلال السلطة القضائية وما مدى حياد القاضي وما مدى استقلاليته على اعتبار أن أولى ضمانات المحاكمة العادلة تقتضي أن يتمتع القاضي بمبدا الحياد كسيف يفصل الباطل عن الحق فيدمغه فالقاضي سيد ملفاته وهو واضع اليد عليها وحده دون سواه رسالته التطبيق السليم للقانون فقط كقاض مستقل استقلالا شخصيا و وظيفيا دون أي ضغط أو تاثير أو تهديد وفي هذا ينص الفصل 110 من الدستور المغربي لسنة 2011 على أنه :لا يلزم قضاة الأحكام إلا بتطبيق القانون ، ولا تصدر أحكام القضاء إلا على أساس التطبيق العادل للقانون.

يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون. كما يتعين عليهم الالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها “زكاه أيضا الفصل 109 بالقول ” يمنع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء ولا يتلقى القاضي بشأن مهمته أي أوامر او تعليمات ولا يخضع لأي ضغط يجب على القاضي كل ما اعتبر أن استقلاله مهدد ان يحيل الأمر إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية يعد كل اخلال من القاضي بواجب الاستقلال والتجرد خطأ مهنيا جسيما بصرف النظر عن المتابعات القضائية المحتملة يعاقب القانون كل من حاول التاثير على القاضي بكيفية غير مشروعة “.

والاكيد الأوكد ان هذه الواقعة ومما لا شك فيه ستطرح من جديد على طاولة الحوار مسألة الإستقلال والحياد لمعالجة النواقص والسلبيات وتقييم التجربة مع العلم ان مناقشة واقعة التسريب هاته لن تكون سليمة قانونا وواقعا دون معرفة هل فعلا تم توفير جميع الضمانات الكفيلة لاستقلال القاضي وحياده وللأمانة أقول لا كرأي شخصي.

إذا اخذنا بعين الاعتبار الاجور الهزيلة للسادة القضاة وكذا الجو العام السائد وظروف الإشتغال التي لا ترقى إلى منزلة القضاء والقضاة مكاتبا واجواء تعززها الكمية الكبيرة للملفات التي يجب على القاضي أن يفصل فيها وعدد القضاة بكل محكمة موازاة مع الملفات المعروضة …..

هذا كله لن يستقيم وللأمانة من غير البدء أيضا من ذواتنا واصلاح ما يمكن إصلاحه فجسم المحاماة وللاسف منخور بأوبئة وسموم ستؤدي لا محالة إلى السكتة القلبية وبالتالي وجب استئصال هذه الأورام الخبيثة التي تسئ لرسالة المحاماة ونبلها وذلك لن يتأتى ما لم تتخذ المجالس موقفا قويا اتجاه كل من يسئ للبذلة وعراقتها بعيدا عن منطق الإنتخابات والمناسبات و الطوائف والقوميات فرائحة الفساد عمت الدهاليز والسراديب والأبواب ولماذا نتحمل نحن من نريد ان نعيد للمهنة أمجادها فساد الأقلية فلا تزر وازرة وزر أخرىوهنا استشهد قياسا على مهنة المحاماة ما قاله قاضي غرفة الجنايات بمصر لحظة النطق على قاتل البنت نيرة ” “يا محسوب علي بني الإنسان جئت بما لم يأت الوحش والطير والحيوان ـ فقلب قُد من حديد، فكرت وقدرت، وسعيت وتدبرت، واعددت سكيناً ماضياً في حدتها، وقتلت نفساً ذكية بغير حق، انتدبت بها مكاناً قصياً طعناً ونحراً، لقد جئت شئ أدا.

لقد أصبت إلانسانية في أعز مقدساتها، ثم قسي قلبك بعد ذلك فقتلت نفساً ـومن الذي (طعنت ونحرت)، وزعمت أنك كنت تحبها، وكنت انت أكثر الناس كرها وبغضاً لها، لم يكن ذاك حباً في الحجر الذي بين أُضلعيك، ما الذي كان يجر في عروقك؟! لو كان دماً لما طعنت ونحرت إنسانة ادعيت كذباً حبك لها”.

ألم تعود قبل جريمتك إلي صوابك؟ كلا لئن إلانسان مات في ذاتك، فقد يكون في موتك بهذا القضاء عظة وعبرة وردع للناس خير من حياتك لجريمتك بحق المجتمع إعمالاً لقوله تعالي (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِصَاصُ فِي ٱلۡقَتۡلَىۖ) وقول الحق سبحانه وتعالي (وَلَكُمۡ فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٞ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ) ، رُفِعَت الأقلام وجَفَّت الصُحُف”.

ونافلة القول ان المحاماة جزء لا يتجزأ من اسرة القضاء يكمل كل منهما الاخر رسالة ودفاعا يمتزجان وينصهران في جسد واحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد ايمانا بالمصلحة العليا للوطن في تحقيق العدالة وترسيخها في ظل دولة المؤسسات و الثوابت زميلكم الاستاذ محمد لخضر محامي بهيىة الدار البيضاء.

قد يعجبك ايضا

التعليقات متوقفه