الأخبار الزائفة FAKE NEWS في الإعلام و التواصل تحت المجهر
اسماعيل ايت خويا : متدرب
يُسهم التواصل والتقارب التقني، الذي بدأت وتيرته في التصاعد والاتساع، قبل بضع سنوات فقط، في بروز ظاهرة التحوُّل الحالية التي نعايشها في قطاع الإعلام، خاصة الإعلام الرقمي، وظهور ما بات يُعرَف بصانعي المحتوى والصحفيين المواطنين والمؤثرين والمُغرِّدين والمُدوِّنين، وبالتالي لم تعُد الأخبار والمعلومات والترفيه حكرًا على المنشئين التقليديين للمحتوى وموزعيه، بل أصبح الشخص العادي الآن مستهلكًا وصانعًا للمحتوى في ذات الوقت.
وإزاء هذا الوضع الجديد تزداد الصعوبة التي يواجهها الناس كل يوم في التمييز بين الأخبار الكاذبة أو الزائفة والمصادر الموثوقة للأخبار والمعلومات، نتيجة للاعتماد المتزايد على الموضوعات الشائعة التي تصنعها تقنيات «الزيف العميق» أو ما يُعرف بـ(روبوتات الويب)، وكذلك تلك التي يولّدها الذكاء الاصطناعي، فضلًا عن تدخّلات العامل البشري الذي يلعب دورًا مهمًا في نشر وانتشار الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة أو الضارة في الإنترنت.
ومع التوقعات بزيادة حجم تدفق الأخبار الكاذبة والشائعات، وبالنظر إلى حجم المواد التي يتم تحميلها كل دقيقة بما يفوق بكثير قدرة المُنظّمين على مراقبة المحتوى الضار، فإن الجزء الرئيسي من الحل سيكون هو زيادة الاعتماد على الناس، ودعوتهم إلى الانخراط بدور جديد في ضمان أمنهم الرقمي واكتساب المعرفة والدراية الإعلامية والمعلوماتية، وتنمية المهارات الأساسية للتصدي للأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة والمحتوى الضار.
ونظرًا لدور الإعلام الكبير وتأثيراته الهائلة في حياتنا اليومية سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة، وتعاظم أهمية وسائله في الانتفاع بالمعلومات، خاصة، إذا كانت صحيحة وواقعية وآنية وهادفة وميسورة، وقائمة على الدقة والموثوقية؛ لذا سيكون من المُهم علينا جميعًا، أن نكون متيقظين لإمكانية التلاعب بنا وبوسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي؛ بسبب استمرار تدفق سيل الأخبار الكاذبة والشائعات والمعلومات الخاطئة، ولكن هل هذا يكفي؟
بالطبع لا، لذلك، لا بد من مبادرات إعلامية جادة وواسعة تهدف إلى مكافحة الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة، لا سيما بعدما أصبحت وسائل إعلامية عدّة تعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي، وتُعيد نشر الأخبار باعتبارها مصدرًا من دون التأكد من مدى صحتها، سواء بسبب سرعة تدفق المعلومات أو في إطار التنافس الإعلامي على السبق الصحفي.
إن غياب مبادرات جادة من المعنيين والمجتمع المدني وصانعي المحتوى والإعلاميين ومشغّلي المنصات والشبكات لنشر الوعي الرقمي والتربية الإعلامية الرقمية وبرامج الدراية الإعلامية والمعلوماتية ومكافحة الشائعات بشكل أكبر وأسرع وأكثر موثوقية، يُعيق جهود كشف ومكافحة الشائعات والأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة، خاصة إذا علمنا، أنه، وللمفارقة أن الأخبار والمعلومات الزائفة تنتشر بشكل أسرع من تلك الصحيحة والحقيقية