رسالة المحامي المعتقل زيان : هذا رأيي في قضية فلسطين وعلاقتي بجماعة العدل والاحسان ورسالتي للملك!
لم تمنع غياهيب السجن المحامي المعتقل محمد زيان من التعبير عن عن رأيه فيما يخص القضية الفلسطينية والتطبيع مع اسرائيل وعلاقته بجماعة العدل والاحسان.
وفيما يلي نص الرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد،
لقد أصبح من الضروري ومن الواجب على المغرب الرسمي أن يقوم على الأقل بالتصريح بعدم الاعتراف بحكومة بينيامين نتنياهو كمؤسسة دستورية تمثل إرادة الشعب الإسرائيلي، وإلم يستطع عن التراجع عن هذا الاعتراف الدولي بإسرائيل، فإني أرى من الضروري التذكير هنا بتاريخ علاقتي بجماعة العدل والإحسان ولا سيما زعيمها الروحي المرحوم عبد السلام ياسين.
وفي هذا الصدد، سأقوم بتوضيح بعض الأمور:
إن القاسم المشترك بيني وبين الجماعة هو الحق في الاختلاف، والاختلاف هنا كان حول موضوع: إمارة المؤمنين. حيث أرى أنا محمد زيان، بأن الأمر لا يمكن أن يتصرف فيه إلا الله سبحانه وتعالى؛ فإن تم الاستحواذ على الإمارة بصفة غير شرعية فهذا أمر من الله، وإن عادت إلى صاحبها الشرعي فسيكون ذلك أيضا بأمر من الله، وبالتالي لا يجوز للجماعة أن تنظر في هذا الأمر.
وباستثناء هذه النقطة الخلافية الجوهرية، يبقى أنِّي أؤمن كما تؤمن الجماعة بعدد لا حصر له من النقط التي يؤمن بها الإخوان. باستثناء هذا الأمر، فما يجمعني بالجماعة أكثر بكثير مما يمكنه أن يبعدني عنها، إلا أنه اليوم وبعد العملية الشجاعة لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، لابد لأمير المؤمنين أن يوضح موقفه من قضية يعتبرها الغرب سياسية، ونعتبرها نحن المسلمون قضية دينية، وهي أن احتلال إسرائيل للقدس لا يمكن التستر عليه بالاختباء وراء أي أمر سياسي.
وفي هذا الأمر، أوضح بأن القانون الدولي له فرعين: أولهما يتعلق بالقانون الدولي الخاص الذي يبدأ بالزواج المختلط وحقوق الإنسان، وتصفية الإرث بين الأقطار، وتصفية الحقوق الاجتماعية للمستخدمين الأجانب وكيفية أداء الضريبة لفروع الشركات الأجنبية.
أما الفرع الثاني، فيرتبط بما سمي بالقانون الدولي Droit Des Etats، فالدول لا تنشأ من فراغ، وإذا نشأت فهي تحتاج إلى اعتراف، واعتراف الدول ببعضها البعض هو أقوى سلاح بيد الضعيف في مواجهة القوي.
وبالفعل، فقد كان عدم الاعتراف بدولة إسرائيل بمثابة سلاح نووي في القضية الفلسطينية، إلا أن الرئيس الثالث لجمهورية مصر العربية «أنور السادات» قد قَزَّمَ هذا السلاح، غير مستشعر بأنه بهذا الاعتراف يُعري سَوْأَتَهُ، في الوقت الذي كان لزوما عليه أن يعترف بمن سيعترف أولا بوجود الدولة الفلسطينية، فعندما تقوم دولة عربية بالاعتراف بإسرائيل فإنها تعطي ما لديها من سلاح، فكيف يمكن لدولة غربية ألا تعترف بإسرائيل إذا بادر العرب إلى الاعتراف بها!!
إن كل هذا يجعلنا اليوم أمام تراجع دولة بوليفيا عن الاعتراف بإسرائيل، وسحب تركيا والهندروس لسفريْها من تل أبيب وطرد البحرين لسفير هذه الأخيرة وقطع العلاقات الاقتصادية معها، وقيام الجالية اليهودية في نيويورك بمظاهرات في الولايات المتحدة الأمريكية، وإلغاء شركة الطيران الأمريكية «دلتا إير لاينر» رحلاتها من نيويورك نحو عاصمة إسرائيل، وهي أمور كلها في غاية الأهمية من الناحية السياسية ومهمة في العلاقات الدولية.
لقد كنت أحلم في بداية الحرب على غزة أن يكون المغرب سَبَّاقا للتراجع عن الاعتراف بدولة إسرائيل أو على الأقل بحكومتها، لكنني اليوم أتمنى ألا يكون المغرب آخر دولة تسحب اعترافها بهذه الدولة، لأننا أصبحنا، وهذا خطير جدا، أمام مجرم حرب وأمام مُتَعنَّت لم يكتفِ بقصف، ظلما وعدوانا، الأحياء السكنية والمستشفيات المدنية بل قام بقصف أيضا مراكز الأمم المتحدة لإيواء اللاجئين المنصوبة في القطاع، وهو أمر لم يستطع فعله حتى أدولف هتلر، ليكون نتينياهو اليوم قد تجاوز بكثير جرائم النازية.
إنني أعتبر أن بينيامين نتنياهو هو نفسه أدولف هلتر؛ الذي عندما اقترح عليه المنتظم الدولي الاعتراف له بحقه في العملية العسكرية «الأنشلوس» مقابل وقف الغزو على الدول الأخرى، قام بالتحايل، فانشقت ألمانيا وهُزم موسوليني وعُزِلت إسبانيا – فرانكو وأُنقِذ إمبراطور اليابان. وها هو اليوم نتنياهو يقوم بنفس الشيء، حينما يرفض الحل المقترح أمامه من قبل الدول العربية التي إلم تكن تمثل الأغلبية، فإنها مستعدة للضغط على الأغلبية لقبول الحل.
ليس من الإنصاف أبدا، أن يؤدوا أخطاء الأوروبيين في مواجهة أمة لا تريد الدول الأوروبية التعامل معها، وهو ما يبرر العمق العنصري للأوروبيين في مواجهة اليهود غير أنهم يحاولون التغطية على الأمر بالقول: إن العنصريين هم المسلمون، وهذا غير صحيح، وهنا أذكر بالآية الكريمة 285 من سورة البقرة: «آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ»، فنحن نؤمن بسيدنا موسى كما نؤمن بسيدنا عيسى عليهما أزكى الصلاة والسلام، كما نؤمن بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا نفرق بين أحد من رسله.
والحق سينتصر)).