افتتاحية: مدونة الأسرة: بين أهواء مسؤولي الدولة ونصوص الوحي وخصوصية المجتمع المغربي!

افتتاحية : MA24TV

بينما يحمل من لهم ضمير حي في الأمة المكلومة هم قضية جوهرية، إذ أبناء امتنا يموتون قتلا وتشريدا وجوعا على يد الصهاينة واعداء الله في فلسطين.

انشغل من يسمون أنفسهم بالحداثيين والعلمانيين في المغرب بالسعي الحثيث لهدم ما تبقى من أركان الدين وقطعياته وقيمه، ومس ركيزة من ركائز المجتمع ووحدة بنائه الأساسية وهي الأسرة.

وشهدت الساحة المغربية هذه الايام سجالا كبيرا بين تيارين، تيار يسعى للحفاظ على أسس الشريعة السمحة وتيار يريد القطع معها بل منهم من استعد وشمر وفرح منتشيا منذ هزيمة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات مصرحا أن الدولة انتقلت من مشروع اسلامي الى مشروع ليبرالي.

هذه التصريحات والتحركات تنم عن جهل عميق بخصوصيات المجتمع المغربي المحافظ، وتناسى هذا المفسد وغيره ان الدستور يقر بأن الدولة المغربية دولة مسلمة، وان الملوك العلويين الذين تعاقبوا على حكم الدولة حاولوا الحفاظ جاهدين على هذه الركيزة وخصوصيات المجتمع.

ان التقرير الذي سلمته لجنة مراجعة تعديل مدونة الأسرة لرئيس الحكومة، وهو بدوره سيسلمه للملك للمصادقة عليه سيكون له ما بعده اذا ما تم المساس بقضايا جوهرية في الشريعة الإسلامية المتعلقة بالاسرة، وبأحكام الإرث وكذا قضايا أخلاقية كالحريات الفردية بتشجيع اللواط والافطار العلني في رمضان وغيرها.

لا شك ان ضغوطات خارجية كبيرة تمارس على الدولة بواسطة اذنابهم في الداخل لتغيير كل هذا وضرب قيم المجتمع وقطعيات الدين، ولكن أعلى سلطة في البلاد قد حسمت الموضوع في خطابات ملكية سامية وصدح الملك قائلا “لن احرم حلالا، ولن احل حراما” ونمني النفس ان تكون الكلمة الفصل لنصوص الوحي والنقل لقطع الطريق على هؤلاء.

لن اخوض وأفصل في العيوب والمقترحات لمختلف التيارات التي من المفترض أن يتضمنها تعديل المدونة، فهي حاليا بيد أعلى سلطة في البلاد، رغم الاقصاء الممنهج لشخصيات دينية، وتهميش دور العلماء في الموضوع، ولكن رغم ذلك فمن الناحية الشرعيةقد وقف عدد منهم وقفة شامخة لتبيان الحق ومنهم الشيخ مصطفى بن حمزة حفظه الله وغيره.

وسياسيا فقد أبلى حزب العدالة والتنمية بلاءا حسنا في دفاعه عن هذا التوجه، مدعوما بشريحة كبيرة من المجتمع المغربي المحافظ الذي يعتبر قيم الأسرة ركيزة أساسية في الحياة الاجتماعية والثقافية، فالأسرة هي مركز للدعم الاجتماعي والعاطفي الذي يوفر الرعاية والحماية لأفرادها.

اننا اليوم أمام امتحان حقيقي فإما ان ننتصر لأسرة أومجتمع يحافظ على مبادىء وقيم أجداده، وقدوته محمد صلى الله عليه وسلم، اما أن نركن الى مستنقع العلمانيين والحداثيين واللادينيين الذين يفتحون باب الحرية المطلقة لصالحهم ويغلقونه على الدعاة إلى الله وبالتالي فقد نغرق في براثين الفساد والانحلال الخلقي ونرسم طريقا لاجيال تائهة دينيا وأخلاقيا لا قدر الله.

ونحن على يقين ان من سنن الله الكونية انتصار الحق على الباطل بسنة التدافع ان فتح المجال وابواب الحرية للدعاة الى الحق، فقد قال تعالى ” {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين} (البقرة:251) وهي الآية التي ختم الله تعالى بها قصة طالوت، الملك الذي اختاره الله لبني إسرائيل، فخاض بهم الصراع مع جالوت الطاغية.

فيا رب سلم سلم