جلالة الملك يُقوّم إعوجاج العَقل المُخدر بالسُّلطة ويَعفُو على أصحاب القلَم والرأي الحر
بقلم : محمد القاسمي
العقل المخدر بالسلطة لا يقبل الانتقاد، ولا قدرة له على تحمل أفكار تنبهه إذا ما انحرف به السير، ذلك أنه عقل مبرمج على كونه يمتلك الحقيقة، وأن قراراته نابعة عن حكمة، وتھدف إلى تحقيق العدالة، وكل فكرة تصدر مناقضة لتوجهاته تعتبر خبث ومصدرھا ملوث وغايتھا التشويت على بيت الحكمة.
عندما خرجت أقلام صحفية تفكك بنية السلطة الحاكمة في المغرب، وتنتقد تصرفات وسلوكات الأجھزة الأمنية، جاء الغضب العارم من قبل النفس الغاضبة وألقت بھم في غياھب السجن، وحتى قانون توازي الأسلحة خرق في محاكمات غير منصفة،وتم رميھم بسنوات من الظلم في سجون باردة .
ولأن الأحكام كانت جائرة وطويلة، فقد خرجت أصوات لم ترضى الظلم، من ھنا وھناك تحتج على ما وقع لهذه الأقلام، لكن عقل السلطة المخدر لم يستطع الإبقاء على ھذه الاحتجاجات الغاضبة، فكانت الاعتقالات نصيبھم، والتھمة واحدة وجاھزة، وھي إھانة المؤسسات، ولا أدري والله من أھان من؟ فكيف لمؤسسات تتحوز السلطة والمال العام أن تھان من قبل نساء ورجال لا قبل لھم إلا أصواتھم وتدويناتھم. أليس التصرف في السلطة بسوء نية، ووضعھا في غير المكان المخصص لھا ھو الإھانة الحقة للمؤسسات؟.
ولأن وسائل الاعلام أحد مصادر تشكيل الوعي، فقد وظفھا العقل المخدر بالسلطة، وجيشها من أجل الطعن في أصحاب هذه الأقلام الذين ظلموا، وكذا الأصوات التي احتجت على ھذھ المحاكمات، حيث قامت وسائل الإعلام المأمورة والمأجورة في النبش في أعراضھم، ومحاولة تصويرھم مجرمين للرأي العام، ولكن الحيلة لم تنطلي على أحد.
حقا إن السلطة تقھر من لا يملكھا، فقد تم قھر ھؤلاء الحقوقيين والصحافيين ومن والھم من النساء والرجال المغاربة، وعم الخوف في النفوس، وأصبحت النزعة الفردانية ھي المھيمنة، وأصبح المتزلف للسلطة ھو المواطن الصالح، وكل من انتقد خائن للوطن، وأصبحت الأقلام المأجورة لھا الحظوة في صالون السلطة، ومن خالف يضيق عليه في رزقه، حتى بات الناس تؤمن بأنه من الخطر أن تكون على صواب عندما تكون السلطة على خطأ.
غير أنه وفي لحظة صدق، وفي جو ساد فيھ الخوف والرعب، واختفت الكلمة الحرة، وانزوى العقلاء على أنفسھم، وساد في الأثير صوت المتزلفون للسلطة، وطغى التافھون في القنوات، وأبدعوا بخسة ونذالة ووقاحة في سب وشتم الشرفاء، أمام أعين السلطة التي تحابي كل من يواليھا، ولا تلقي بالا لكل من ينتقدھا في ضرب صارخ للدستور وللقيم والأخلاق ناھيك عن الاتفاقيات الدولية.
داخل ھذا الجو المتعفن المقلق، الذي جعل الناس تبلع ألسنتھا، وتتأجج نار غضبھا في صدرھا دون التفوه بما يخالج نفسھا، خوفا من رحا العقل المخدر في السلطة، في ھذا الجو المشحون تتدخل الحكمة والعدالة الحقيقية من قبل جلالة الملك لجبر كسر وضع انحراف السلطة، وأصدر عفوه السامي من أجل تصحيح خط سير منحرف، فشكرا لجلالة الملك.