بنك المغرب يضع سياسة لتمويل المقاولات الصغيرة جدا

قرر مجلس بنك المغرب، خلال اجتماعه يوم الثلاثاء الماضي في الرباط، خفض سعر الفائدة الرئيسي للمرة الثانية على التوالي، والثالثة منذ يونيو الماضي، بمقدار 25 نقطة أساس ليصل إلى 2.25%. يأتي هذا القرار في إطار سياسة نقدية تهدف إلى تعزيز النشاط الاقتصادي ودعم التشغيل، خاصة في ظل تباطؤ الطلب الداخلي وضعف الاستثمارات.

خفض سعر الفائدة: قراءة في الدلالات الاقتصادية

أوضح أمين سامي، خبير الاستراتيجية وقيادة التغيير للشركات والمؤسسات، أن قرار بنك المغرب يحمل دلالات اقتصادية مهمة يمكن تحليلها من عدة زوايا. فمن ناحية التضخم والسياسة النقدية، يشير القرار إلى أن التضخم أصبح تحت السيطرة أو في مسار تنازلي، مما يتيح للبنك المركزي هامشًا لتخفيف السياسة النقدية. عادةً ما يُستخدم خفض سعر الفائدة لتحفيز الاقتصاد في فترات انخفاض التضخم أو ضعف النمو، لتجنب الركود الاقتصادي.

تحفيز الاقتصاد والتشغيل

يرى سامي أن خفض سعر الفائدة يهدف إلى تنشيط الدورة الاقتصادية من خلال تقليل تكلفة الاقتراض، مما يشجع الشركات والأفراد على طلب القروض. هذا الإجراء من شأنه تحريك عجلة الاستثمار والاستهلاك، وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين، وبالتالي دعم النمو الداخلي. كما أن القرار يعكس نية البنك المركزي في تعزيز النشاط الاقتصادي ودعم التشغيل، خاصة في ظل التحديات التي تواجه الاقتصاد المحلي.

دعم المقاولات الصغيرة جدًا

أبرز سامي أيضًا اهتمام بنك المغرب بالمقاولات الصغيرة جدًا، والتي تواجه صعوبات في الوصول إلى التمويل. من خلال إطلاق برنامج لإعادة تمويل البنوك المشاركة بسعر تفضيلي أقل من سعر الفائدة الرئيسي، يسعى البنك إلى تخفيف القيود التمويلية على هذه المقاولات، مما يعزز دورها في خلق فرص العمل وتحريك النسيج الاقتصادي المحلي.

فعالية انتقال السياسة النقدية

أشار الخبير إلى أن انخفاض أسعار الفائدة على القروض البنكية بمقدار 35 نقطة أساس (أكثر من تخفيض سعر الفائدة الرئيسي) يدل على أن قرارات البنك بدأت تنتقل بشكل جيد إلى الاقتصاد الحقيقي. هذه الفعالية تعتمد على قدرة الجهاز المصرفي على ترجمة قرارات البنك المركزي إلى شروط تمويلية ميسرة للمقاولات والأسر، مما يعزز تأثير السياسة النقدية على النمو الاقتصادي.

رسائل طمأنة للسوق والمستثمرين

أفاد سامي بأن بنك المغرب يسعى إلى طمأنة السوق والمستثمرين من خلال تعهده بمواصلة مراقبة الظرفية الاقتصادية واتخاذ القرارات بشكل دوري. هذا التوجه يعكس مرونة البنك واستعداده للتدخل حسب الحاجة، مما يعزز ثقة المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين في قدرة السياسة النقدية على التكيف مع تطورات الأوضاع الاقتصادية.

سياسة نقدية تيسيرية مدروسة

خلص سامي إلى أن بنك المغرب يتجه نحو سياسة نقدية تيسيرية مدروسة، مستفيدًا من تراجع الضغوط التضخمية لتعزيز النمو الاقتصادي ودعم التشغيل. تركيز البنك على دعم المقاولات الصغيرة جدًا يعكس وعيًا بدورها الحيوي في الاقتصاد الوطني، خاصة في خلق فرص العمل. ومع ذلك، فإن نجاح هذا التوجه سيعتمد بشكل كبير على استجابة القطاع البنكي وقدرته على تحويل هذه الإجراءات إلى تمويل فعلي ينعكس إيجابًا على النمو والتشغيل.

باختصار، قرار بنك المغرب بخفض سعر الفائدة يهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي، دعم التشغيل، وتحسين القدرة الشرائية، مع التركيز على دعم المقاولات الصغيرة التي تعد ركيزة أساسية في الاقتصاد المغربي.

قد يعجبك ايضا