السعدي يكتب: عمر الشرقاوي الأستاذ الذي أراد أن يكون كل شيء وفشل في كل شيء!

فؤاد السعدي: صحفي مغربي

خرج علينا عمر الشرقاوي في حلقته الأخيرة من البودكاست، محاولًا أن يلعب دور “المُنظر الأعظم” في الصحافة، وكأنه الوصي على المهنة، ناسيا أن حلقته بالكاد تجاوزت المائة مشاهدة! افتتح استاذ القانون الدستوري كلامه بأنه يرفض الدخول في “المشاحنات والصراعات” والرد على منتقذيه، لكنه، وكعادته، لم يستطع مقاومة شهوته في الهجوم المبطن على حميد المهداوي، الصحفي الذي كشف المستور وأربك حسابات من اعتادوا العيش في الظل، وعرى عورات من كان يقتات من الريع.

والسؤال الذي يطرح نفسه منذ أخرج برنامجه “المنسوخ”: من فوّض لهذا الأستاذ الجامعي أن يكون “ناصح الصحفيين”؟ أليس الأولى به أن يبدأ بانتقاد التعليم العالي، القطاع الذي يشتغل فيه، حيث الفساد والمهازل التي تفوح رائحتها في كل جامعة؟ أم أن الحديث عن الصحافة أكثر أمانًا وأسهل، بينما الحديث عن الجامعة قد يضعه في موقف محرج مع وأولياء نعمته وقد يهدد مورد رزقه؟.

الشرقاوي يهاجم الصحافة بدعوى أنها أصبحت ملجأً “لمن هب ودب”، لكنه نسي أو تناسى أنه هو نفسه اقتحم المجال بلا صفة، متطفلًا على المهنة كأي هاوٍ يبحث عن الأضواء. يريد أن يكون أستاذًا جامعيًا، وصحفيًا، ومحللًا سياسيًا، ومنظرا، وخبيرًا إعلاميًا، وربما مستقبلاً مرشدًا روحيا للصحافة! فهل لديه الجرأة لفتح ملفات التعليم العالي بنفس الحدة التي يتحدث بها عن الصحافة؟ أم أن مصلحته تجعله يُدير ظهره لهذا الملف الثقيل؟
يتحدث الرجل عن المهنية والاستقلالية وكأنه وُلد في قناة “BBC”، لكنه ينسى أن الإعلام الذي يهاجمه، يُدار بسياسات لا يجرؤ على ذكرها، ويطالب بتعدد الخطوط التحريرية وكأن الصحفيين في المغرب يتمتعون بحرية السويد، بل ويعطي الحق لنفسه أن يصنف الصحفيين بين الصالح والطالح في حين لا يعدو أن يكون بوقا من أبواق من يحركه ورهن اشارتهم لتنزيل أجنداتهم البئيسة.

أما عن بودكاسته الذي بالكاد يسمعه المقربون منه، فهو أكبر دليل على أنه قد يكون منظِّرًا جيدًا لكنه فاشل في التطبيق. يتحدث عن الجودة والاحترافية، لكنه لم يستطع حتى صنع محتوى يُثير اهتمام الناس. والفرق بين الصحفي الحقيقي و”الكائن الفيسبوكي”، أن الأول يصنع محتوى يتفاعل معه الجمهور، بينما الثاني يكتفي بالتنظير الفارغ وينتظر التصفيق من أصدقائه على فيسبوك.

قبل أن يقدم عمر الشرقاوي دروسًا في الصحافة، عليه أولًا أن يراجع نفسه، ويتساءل لماذا لم يستطع أن ينجح في أي مجال رغم كل الفرص؟ الإجابة بسيطة: لأن التنظير سهل، لكن التطبيق فضّاح!.

قد يعجبك ايضا