بيان: الشيخ ربيع المدخلي رأس فتنة وصاحب ضلال مستفحل

في أعقاب وفاة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي (1931-2025)، أحد أبرز رموز التيار السلفي في السعودية، اندلع جدل واسع في الأوساط الإسلامية بين مؤيديه ومعارضيه. جمعية علماء الإسلام في باكستان أصدرت بيانًا مفصّلًا ينتقد المنهج الذي اتبعه الشيخ المدخلي، معتبرةً إياه “رأس فتنة” و”صاحب ضلال مستفحل” .
وفيما يلي نص البيان:
بيان علماء بشأن وفاة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي
( باكستان )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه، والصلاة والسلام على نبينا محمد، القائل في الحديث الصحيح:
“أنتم شهداء الله في الأرض”
والقائل في حق من ذُكر بخير أو شر عند موته:
“وجبت، وجبت، وجبت…”.
أما بعد:
فقد تابعت جمعية علماء الإسلام ما جرى من جدلٍ واسعٍ في الأوساط الإسلامية إثر وفاة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي، وما صاحب ذلك من شهادات وتعليقات، بين مادحٍ وقادح، ومترحّمٍ ومتوقف، وهو ما استدعى إصدار هذا البيان لتجلية الموقف العلمي والشرعي في مثل هذا المقام:
أولًا: سنة النبي ﷺ في جنازات الناس
لقد ثبت عن النبي ﷺ أنه أقرَّ شهادات الناس على موتاهم، فجعل من أثنى عليه الناس خيرًا وجبت له الجنة، ومن أثنوا عليه شرًا وجبت له النار، ثم علّق الحكم بقوله عليه الصلاة والسلام:
“أنتم شهداء الله في الأرض”.
إن هذه النصوص تشرِّع الحديث بالشر عن أهل الشر ولقد كان ربيع المدخلي رأس فتنة ولم يكن مستور الحال بل صاحب ضلال مستفحل وخراب مستطير.
وهذه الشهادة ليست عبثًا ولا غوغائية، بل هي قول أهل الدين والمعرفة والخبرة، الذين يعرفون الناس بأعمالهم ومواقفهم، ويشهدون بما علموه عنهم في حياتهم العامة، لا بالهوى ولا بالتحامل، بل بالعدل والورع والتقوى.
ثانيًا: الضرر المنهجي الذي أحدثه خطاب الشيخ ربيع المدخلي
لقد عُرف عن الشيخ ربيع بن هادي خطابٌ شديد في خصومه من العلماء والدعاة وطلبة العلم، تجاوز فيه حدود الإنكار العلمي، إلى التخوين والطعن في النيات، ونشر الاتهام بالبدعة والضلال، وامتدت تبعات هذا الخطاب إلى تكوين تيارات منظمة في كثير من البلاد، سلكت سبيل العنف المعنوي والحسي، والإقصاء المنهجي، والتحريض السلطوي، ما أدى إلى:
سجن آلاف الدعاة والمصلحين في بلدان شتى.
قتل واغتيال العديد من العلماء وطلبة العلم.
إغلاق مراكز ومؤسسات خيرية ذات أثر مبارك.
تشويه صور علماء ربانيين، والتسبب في عزلهم وتهميشهم.
تسويغ المظالم والانقلابات السياسية، وتسكين الشعوب عن المطالبة بحقوقها، بذريعة طاعة أولياء الأمور.
تسويغ الانخراط في صفوف الجيوش والميليشيات القمعية في اليمن وليبيا والسودان وغيرها، والدفع بطلابه في هذه الفتنة والإجرام، بدعوى نصرة الإسلام أو الدولة.
شرعنة المحتلين ومظاهرتهم على المسلمين وتأليف كتب الضلال في هذا وغيره.
التأصيل ضمنًا للخروج على الأمة بذريعة منع الخروج على الحاكم.
عمل هالة كبيرة حول الحاكم أقرب إلى التأليه من الطاعة بالمعروف.
ثالثًا: لا شماتة في الموت، لكن لا غفلة عن الأثر
نحن لا نفرح بموت أحد، ولا نشمت بمن قضى نحبه، لكننا لا نغفل عن سنن الله في التاريخ، فإن للناس آثارًا تبقى بعد رحيلهم، ويحاسبون عليها، كما في الحديث:
“من سن في الإسلام سنةً سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة…”.
وإن منهج ربيع المدخلي منهج فتنة ووبال على الأمة ورواحلها والمجاهدين في سبيل الله…
منهج أصاب الدعوة والصحوة ووحدة الدعاة وصفهم في مقتل.
ومن هنا، فإننا نشهد بما علمناه وعانيناه وسمعناه من شهادات العدول، في العالم الإسلامي كله، من أن منهج الشيخ ربيع، وفتاواه وخطاباته ومواقفه، كانت سببًا ظاهرًا في إيقاع الظلم على عباد الله، وأن أتباعه وأشياعه ما زالوا يستندون إلى تلك المقولات والكتب، لتسويغ الطعن والإقصاء، بل والقتل والتعذيب في بعض المواضع.
رابعًا: دعوة للتوبة والمراجعة
نحن في جمعية علماء الإسلام ندعو عموم المسلمين، وأتباع الشيخ ربيع خاصة، إلى مراجعة هذا المسار، ورد المظالم إلى أهلها، واستدراك ما يمكن استدراكه، فالموت واعظٌ صامت، والمواقف الصادقة تبدأ من بعده، وكم من مخالف مات على خير، وكم من صالح زلت قدمه في فتنة، وربيع لم يزل فحسب بل مارس الفتنة نفسها ودعا إليها ودفع بها لأوساط العلماء والمصلحين والأمة كلها.
نسأل الله أن يحاسبه بعدله، وأن يعصم الأمة من منهج الغلو في التجريح،واستعذاب الفتنة أو الغفلة عن العدل والحق.
ونسأله أن ينصر المظلومين، ويكشف كربهم، ويخزي كل من سعى في إيقاع الأذى على الدعاة والمصلحين،أو شارك في تشظي الأمة وانقسامها، وأن يجعل هذا البيان حجةً لنا يوم نلقاه، لا علينا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
صادر عن
جمعية علماء الإسلام باكستان
15 / محرم /1447 هـ
الموافق 10 / يوليو / 2025 م