ابتسام لشكر تسيء للذات الإلهية..ومغاربة يطالبون بمحاكمتها!!

 

مقدمة الأزمة

 

شهدت الساحة المغربية عاصفة من الجدل خلال الساعات الأخيرة بعد تداول صورة للناشطة النسوية المغربية ابتسام لشكر وهي ترتدي قميصاً يحمل عبارات مثيرة للجدل، اعتبرها كثيرون مسيئة للمقدسات الإسلامية. هذه الحادثة جاءت في سياق تصاعد النقاش حول حدود حرية التعبير وحماية المقدسات الدينية في المغرب، حيث تتصادم قيم التعددية والحداثة مع الثوابت الدينية للمجتمع المغربي .

 

تفاصيل الحادثة

 

نشرت لشكر على حسابها في منصة “إكس” (تويتر سابقاً) أنها تتجول في شوارع المغرب مرتدية أقمصة تحمل رسائل معارضة للدين، حيث ذهبت إلى حد وصف الإسلام بأنه “فاشستي وذكوري ومسيء للمرأة”. هذه التصريحات جاءت في ظل بيئة قانونية مغربية يستمد بعض تشريعاتها -مثل المادة 489 التي تجرم المثلية الجنسية- أحكامه من الشريعة الإسلامية، مما أضاف بُعداً أكثر حساسية للقضية .

 

ردود الفعل الغاضبة

 

أثارت تصريحات لشكر موجة غضب عارمة بين شرائح واسعة من المغاربة، حيث وصفها عدد من النشطاء بأنها تمثل “إهانة متعمدة للمقدسات” و”تحريضاً على الكراهية”، مطالبين بمحاسبتها قضائياً. هذا الجدل يأتي في وقت يشهد فيه المغرب نقاشاً حاداً حول دور وسائل التواصل الاجتماعي في نشر المحتويات المثيرة للجدل، حيث سبق أن أدين عدد من المؤثرين بتهم مشابهة مثل “إلياس المالكي” الذي حكم عليه بسبعة أشهر حبساً نافذاً في قضيتين تتعلقان بالإخلال بالحياء العام والتحريض على التمييز والكراهية .

 

موقف القانون والمؤسسات

 

علق وزير العدل السابق مصطفى الرميد على الموضوع عبر تدوينة على صفحته الرسمية بفيسبوك، مؤكداً أنه ليس من أنصار التشدد في مراقبة التصريحات ولا من مؤيدي تصيد الهفوات، لكنه شدد على أن “الإساءة إلى مقدسات الدين، حينما تكون عملاً مدبراً وبقصد واضح، لا يمكن التساهل معها”. وأشار الرميد إلى مقتضيات الفصل 267.5 من القانون الجنائي المغربي الذي يجرم الإساءة إلى الثوابت المنصوص عليها في الدستور، مؤكداً أن حرية التعبير رغم اتساعها لا تشمل الاستهزاء بعقائد الناس أو الإساءة البليغة إلى الدين .

 

السياق الأوسع للنقاش

 

هذه الحادثة تأتي في سياق نقاش أوسع حول تنظيم المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي في المغرب، حيث أثار وزير العدل الحالي عبد اللطيف وهبي جدلاً واسعاً مؤخراً عندما تحدث عن ضرورة “تنظيم استخدام تيك توك ويوتيوب، ووضع حد لفوضى مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب”. وقد انقسمت الآراء بين من يرون أن هذا التوجه ضروري لحماية المجتمع وقيمه، وبين من يعتبرونه تضييقاً على حرية التعبير .

 

التحديات القانونية والحقوقية

 

يواجه المغرب تحدياً كبيراً في تحقيق التوازن بين حماية حرية التعبير -المكفولة دستورياً- وبين الحفاظ على القيم المجتمعية والأخلاق العامة. فمن ناحية، صادق المغرب على العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، بما في ذلك حرية الرأي والتعبير. ومن ناحية أخرى، يواجه المجتمع ظاهرة المؤثرين الذين “خرجوا عن قواعد التأثير الإيجابي بنشر محتويات هدامة”، كما يقول المحامي والحقوقي الحسين البكار السباعي .

 

الخاتمة والتساؤلات المفتوحة

 

تترك هذه الحادثة وراءها العديد من التساؤلات الجوهرية: أين تقع الحدود الفاصلة بين حرية التعبير والإساءة إلى المقدسات؟ كيف يمكن للمجتمع المغربي أن يحافظ على قيمه الدينية مع الانفتاح على أفكار التعددية والاختلاف؟ وهل ستكون هذه الحادثة نقطة تحول في سياسة المغرب تجاه تنظيم المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي؟ هذه الأسئلة تظل مفتوحة للنقاش في الفضاء العام المغربي، بينما تتابع الجهات المعنية الموقف القانوني للناشطة المثيرة للجدل .

قد يعجبك ايضا