الحقيقة المأساوية لعشرات المتشردين في الدارالبيضاء

تحرير: رضوان الطاهري
تفاقم التشرد في مدينة الدارالبيضاء، وأضحت ظاهرة تلقي بظلالها، من خلال تزايد التشرد في صفوف القاصرين والشباب وكذا العائلات؛ إذ تشهد وسط المدينة والمعاريف وبوركون وباقي المناطق الأخرى عشرات من المتشردين ذكورا وإناثا، يتجولون بين الشوارع والأزقة، في مشهد مأساوي بكل المقاييس يطرح أكثر من تساؤل حول مآل هذه الفئة المهمشة و المحرومة من أبسط حقوق الإنسان، إذ يؤثثون الفضاءات بتجمعاتهم وسلوكياتهم التي لا تخلو من تسول وعنف وتناول المخدرات، فهم أشخاص بلا مأوى ولا رعاية اجتماعية، تركوا لوحدهم في مواجهة قساوة الحياة وجبروت الزمن، يتدبرون أمرهم بأنفسهم دون أي حماية فعلية للحاضر والمستقبل.
أغلبهم يفضلون المناطق الأكثر رواجا، كوسط المدينة وحي المعاريف وحي بوركون، والمناطق المجاورة، وهي نقط جذب للمتشردين من داخل الدارالبيضاء وخارجها من مختلف المدن والقرى الأخرى، بحكم تواجد شبكة نقل عمومية قوية، وكذا المطاعم والمقاهي وحركة دؤوبة للزوار، وهو ما يتيح لهم فرصة البحث عن قوتهم اليومي عبر التسول، وفضاء رحبا للمبيت في شوارعها وأزقتها، تفاديا للمطاردة من قبل السلطة المحلية.
تتساءل قوى المجتمع المدني عن مصير هذه الفئة المقصية، والسبل الكفيلة لحمايتها وتقديم الرعاية لها وفق القوانين والتشريعات الجاري بها العمل. وتسائل الجهات المعنية عن إيجاد حلول إنسانية تحفظ كرامة المواطن المتشرد الذي يعيش في بلده المغرب.
التقت ma24tv عددا من المتشردين، وسألتهم عن سبب اختيارهم لهذه المناطق، فكان الجواب بشبه إجماع، كونهم يجدون ضالتهم فيها، من غذاء وصدقة وتعامل من محسنين يجبر خواطرهم، إذ لا يتأخرون في مساعدتهم والإحسان إليهم.
التشرد عرف تطورا غير مسبوق، سيما بعد جائحة كورونا التي عصفت بالاقتصاد وزعزعت الاستقرار الاجتماعي للأسر ذات الدخل المحدود والفقيرة، فكانت النتيجة كارثية، حيث وجدت أسر عدة نفسها عرضة للضياع والتشرد وبدون عمل، ساهم هذا الوضع المأزوم في انتشار ظاهرة تشرد أسر لم تكن حاضرة بهذا الثقل من قبل، لكنها اليوم أضحت واقعا معاشا.
مشاهد أسر متشردة وأطفالهم وقاصرين وشباب ومسنين في الشوارع والأزقة، تعكس مدى قساوة الحياة وتخلي الجهات المعنية عن أداء واجبها حيال المتشردين الذين يكابدون محنة ظروف العيش الصعبة وقساوة المبيت في العراء.