رسميا…رئيس الحكومة يقدم استقالته

قدم رىيس الوزراء الفرنسي سباستيان لوكورونو استقالته في تطور سياسي مثير، حيث أعلن قصر الإليزيه والذي قبلها الرئيس إيمانويل ماكرون على الفور. وتأتي هذه الاستقالة المفعمة بالدراما بعد 14 ساعة فقط من الإعلان الرسمي عن تشكيل حكومته الجديدة مساء الأحد, في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة، مما يعمق الأزمة السياسية المستفحلة في البلاد.

كان لوكورنو، الذي عُيّن في التاسع من سبتمبر/أيلول خلفاً لفرانسوا بايرو، قد أعلن تشكيلته الوزارية بعد أسابيع من المشاورات السياسية. غير أن هذه التشكيلة، والتي احتفظ بموجبها العديد من وزراء الحكومة السابقة بمناصبهم, أثارت سخطاً واسعاً وغضباً من جميع الأطراف تقريباً، من اليمين واليسار على حد سواء. وقد وجدت الأحزاب المختلفة في هذه الحكومة إما أنها “يمينية أكثر من اللازم أو ليست يمينية بما يكفي”.

وكان حزب “الجمهوريون” بقيادة وزير الداخلية برونو ريتايو، أحد شركاء الحكومة الأساسيين، قد عبّر عن غضبه الشديد من التشكيلة، ولا سيما التعيين المفاجئ لبرونو لومير، المنتمي إلى حزب ماكرون، في منصب وزير الجيوش. وقد تبرأ ريتايو من أي مسؤولية عن سقوط لوكورنو، ملوحاً بمشكلة “الثقة” فيما يتعلق بالعملية.

وفي كلمة له قبل تقديم استقالته، وجه لوكورنو، من دون أن يسميه، انتقاداً لاذعاً لريتايو وحزبه، معتبراً أن تشكيلة الحكومة “أثارت بعض الأطماع الحزبية”، ومؤكداً أنه “يجب دائماً أن نفضل وطننا على حزبنا”. كما أعرب عن أسفه قائلاً: “لم تعد الشروط متوفرة” للبقاء في منصبه كرئيس للوزراء.

هذا الانهيار السريع للحكومة ليس سوى حلقة جديدة في الأزمة السياسية العميقة التي تعصف بفرنسا منذ أكثر من عام، بعد قرار الرئيس ماكرون حل الجمعية الوطنية في منتصف عام 2024، مما أدى إلى برلمان منقسم لا تملك فيه أي كتلة سياسية أغلبية واضحة. وقد دفع هذا الواقع ثلاثة رؤساء وزراء إلى الاستقالة في غضون عام واحد فقط، هم ميشال بارنييه وفرانسوا بايرو وسيباستيان لوكورنو.

ولم تكن الآثار الاقتصادية لهذه الأزمة السياسية بمعزل عن المشهد، حيث تراجع اليورو في التعاملات أمام الدولار مباشرة بعد إعلان الاستقالة، كما شهدت البورصات الفرنسية تراجعاً ملحوظاً، في مؤشر على قلق الأسواق من استمرار عدم الاستقرار في ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.

أمام هذا الوضع، يجد الرئيس ماكرون نفسه عند مفترق طرق صعب، مع خيارات محدودة أمامه، بين تعيين رئيس وزراء جديد للمحاولة مرة أخرى، أو اللجوء إلى حل الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، وهو خيار تطالب به بقوة زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان وحزبها. بينما يرى مراقبون أن الأزمة تعكس إشكالية بنيوية في المشهد السياسي الفرنسي الحالي، حيث تجعل الخطوط الحمراء لكل حزب من المستحيل تقريباً تشكيل ائتلاف حكومي مستقر.

قد يعجبك ايضا