محامي يكشف حقيقة العقوبات في حق شباب افطروا علنا بالبيضاء
نشر المحامي نوفل البعمري توضيحا بخصوص اعتقال شباب قاموا بالافطار العلني في رمضان.
وقال في تدوينة مطولة نشرها عبر حسابه فيسبوك ” إن النيابة العامة هي التي أمرت بإطلاق سراح الموقوفين على خلفية مخالفة أحكام المادة 222 من القانون الجنائي المغربي، مضيفا أنه ليس هناك أي متابعة لهم، بل كانوا موضوع “معلومات قضائية” أي تنقيطهم من طرف الأمن و تم إطلاق سراحهم.”
وأضاف ” أن النيابة العامة قدمت تفسيرا مدنيا وحقوقيا للقانون، لائمت إجرائها مع الاتفاقيات الدولية الحقوقية التي وقع عليها المغرب خاصة الحقوق المدنية التي تكفل وتضمن حرية المعتقد وحرية ممارسة الشعائر من عدمها، وحرية الإيمان.”
وتابع المحامي“بالعودة للنص الديني الذي يتم الاختباء وراءه لا وجود فيه لأي حد على المفطر في رمضان، بل عليه أن يخرج الكفارة أو يطعم ستين مسكين، و بموجب النص القرآني فالصوم هو لله و هو من يجزي عليه، بمعنى أن الجزاء أوكله الله سبحانه تعالى إليه و جعل الصوم له و ليس للمجتمع ولا للدولة، ولم يجعل إيقاع العقاب أو الجزاء من اختصاص رجال الدين، أو رجال الأمن أو السلطة، بل جعله خاصا به”.
وأكد مفسرا “وبما أنه لا حاكمية لله ولا رهبانية في الإسلام فإنه ليس من حق أي سلطة سواء كانت دينية أو دنيوية، أن تطارد من يأكل رمضان تحت أي حجة، بل واجب السلطة أن تحمي حق هؤلاء في الإفطار و في عدم ممارسة الشعائر الديني تحت قاعدة “لا إكراه في الدين”، و تحت يافطة دستورية و حقوقية “حرية المعتقد”.
يقول البعمري “لا يمكن لأن الغالبية من المجتمع تعتبر أن شعورها الديني يهتز لأنها ترى شخصا آخر يفطر في رمضان، أن تخضع لهم الدولة أو تكون تحت تأثيرهم فقط لأنهم ” الأغلبية”، بل عليها أن تحمي الحقوق و الحريات الخاصة وأن تكفل لهم حقهم في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، لأننا لسنا في دولة دينية بل في دولة مدنية، و لأن إمارة المؤمنين تخدم الجميع و تحمي الجميع، تحمي المسلم واليهودي والمسيحي وتحمي ذلك حق المغاربة في عدم الإيمان”.
وأوضح المحامي أن “الإشكال ليس في رجال الأمن الذين انتقلوا لإيقاف هؤلاء الأشخاص، و لا في النيابة العامة التي أمرت بإيقافهم بل في التشريع، في النص الذي يجرم الإفطار العلني، في القانون الجنائي الذي يحتاج للتعديل و لتغييره ليكون قانونا جنائيا عادلا، يحمي الحقوق و الحريات لا يجهضها و يضيق عليها و يكون أداة في خدمة التضييق على الأفراد”.
وشدد على أن “واقعة الإفطار هاته لم تكن منظمة، و لم تكن بوعي سياسي أو مدني، بل كانت عادية مطعم منذ سنوات وهو يقدم الوجبات الغذائية لمن يريد الإفطار، بمعنى أن من أفطروا هم أشخاص عاديين اختاروا عدم الصيام لأي سبب كان، وهذا يعني أن واقع الإفطار أصبح واقعا مجتمعيا قد يكونون أقلية أو أغلبية، لكنهم فئة موجودة بالمجتمع من مستويات مجتمعية مختلفة، حقها على الدولة أن تحميهم لا أن يتم إيقافهم!”.
وأشار المصدر ذاته، إلى أن “الطريقة التي تم التعامل بها معهم كان فيها حماية لمعطياتهم الخاصة، لم يتم التقاط صور لهم بوجه مكشوف، لم يتم نشر أسمائهم ولا هويتهم وهذا فيه نوع من التقدم الاحترافي في التعامل مع هذا النوع من الملفات ذات الحساسية المجتمعية”.
وختم المحامي مقاله بالتأكيد على أن “القبول بالاختلاف الديني مثله مثل الديمقراطية التي كان يتم رفضها باسم أن المجتمع غير مؤهل لها، وكان مبررا للاستبداد في مرحلة تاريخية معينة، و عندما اختارت الدولة تحديث نفسها واستجابت لمطالب التغيير السياسي و الديمقراطي، قاومت المحافظين وأصحاب هذه الأطروحات، و هي اليوم نفسها لا يمكن بنفس المبررات أن تجعل رقاب الناس تحت قانون جنائي متخلف، رجعي، غير مواكب لتطور المجتمع قيميا و حقوقيا و مدنيا”.
واعتبر أن ” الإسلام أكبر من أن يزحزحه شخص يأكل أو يشرب، ولو كان سيتعرض للزحزحة بسبب الأكل لما استمر كل هذه القرون، منتقدا غياب ردود الفعل المدافعة عن هؤلاء الشباب ممن يسمون أنفسهم بالقوى الحداثية والمدنية والحقوقية والسياسية خاصة منها الليبرالية واليسارية، ما حدث ستكون له تبعات حقوقية على المغرب دوليا خاصة بمجلس حقوق الإنسان، و سيكون المغرب عليه الرد على هذا الإيقاف الذي تم لهؤلاء الشباب. يقول البعمري.