عبد السلام اكني يكتب..اعدام السيد قطب..مات الجسد وبقي الفكر حيا

لا زلت والعالم والاسلامي نتذكر تلك الابتسامة التي أشرقت على محياه وهو يهرول إلى منصة الاعدام، عفوا منصة الاستشهاد، لحظة تاريخية مؤلمة مؤثرة وصعبة على محبيه،عاشقي كتبه وفكره. وله لحظة فرح وسرور، لحظة لطالما تمناها وسعى إليها، لحظة استشهاد في سبيل الله، ابتسامته العريضة وثقته في الله وضباط جمال عبد الناصر الحاكم القومي والرجل الاقوى في دولة مصر في فترة السبعينات وهم يقودونه إلى منصة الاعدام أكبر دليل.
إنه سيد قطب، صاحب الفكر الثاقب، والادب الرفيع، والخلق الجميل، والمؤلفات النافعة، و المنافح عن دين الاسلام وعقيدته في عز تحكم القومية واليسارية في بلاد الفراعنة.
نصف قرن على إعدام هذا الرجل العظيم من طرف حاكم مصر آنذاك بعد تسع وخمسين عاما وعشرة أشهر من الكفاح والعمل الجاد والدعوة إلى الحق قبل أن تكتب له تلك النهاية السعيدة.
ولد السيد قطب في قرية موشة 1902، وبها درس وحصل على شهادته الابتدائية سنة 1918، سافر إلى القاهرة في الرابعة عشر من عمره ليكمل دراسته، تدرج في مساره العلمي حتى التحق بكلية العلوم والتي تخرج منها سنة 1933 حاملا شهادة الباكالوريوس في الآداب.
تقلد عدة وظائف في الدولة كانت آخرها مراقب مساعد في مكتب الوزير للبحوث الفنية و المشروعات سنة 1952.
قبل أن يضحي بوظيفته قبل أشهر قليلة من إحالته على التقاعد بعد خلافات فكرية مع كبار رجال الوزارة المعارضين لآرائه الاصلاحية.
يعتبر سيد قطب صاحب مؤلفات عظيمة، ومن أعظمها كتابه الظلال في ظلال القرآن.
من قرأ مؤلفات صاحبنا ومقالاته النقدية سيرسم له صورة غير التي خلق عليها.
حتى قال ابو الحسن الندوي المفكر الباكستاني كنت أتخيله اديبا في العقد الرابع من عمره، فارع القامة عريض المنكبين، قوي البنية.
والرجل خلاف ذلك كله، فهو رجل أسمر اللون، ضعيف البنية، ناحل البدن وأسلوبه الحاد في النقد لا يعبر عن مظهره.
إقبال السيد قطب على دراسة الثقافة المادية الغربية، وأخذ ما فيها من مبادئ وأفكار و تصورات، أورثت لدية حيرة كبيرة، قبل أن يعود إلى مصادر عقيدته الاسلامية وتصوره ويعرف انحراف الثقافة الغربية وضلالها على حد تعبيره في كتابه معالم الطريق.
وفقه الله إلى معرفة الحقيقة الربانية وفتح عينية على معالم الطريق، فغير نظرته إلى الكون والحياة والانسان.
أما انتماؤه السياسي فقد بدأ مع حزب الوفد الذي أسسه سعد زغلول، وسمي بذلك في حادثة الوفد من الزعماء المصريين الذين اجتمعوا بزعماء انجلترا وفاوضوهم بشأن استقلال مصر وكان ذلك بعد ثورة 1919.
وبقي في حزب الوفد سبعة عشر عاما إلى فبراير سنة 1932 بعد أن أمرت الحكومة البريطانية الملك فاروق حاكم مصر تلك الفترة بتشكيل حكومة جديدة يشارك فيها حزب الوفد.
سخط الكثيرون على هذا الحزب بعدما رضخ للاملاءات البريطانية وخسر شعبيته، ومن أوائل المستقيلين ذاك العبد الضعيف المدعو سيد قطب.
وأسس وإخوانه المستقيلين حزب السعديين وبقي معه إلى عام 1945.
قبل أن يخرج بمقالات رهيبة ومدوية يعلن فيها صراحة سخطه على الأحزاب وأعلن الحرب عليها داعيا إياها إلى إصلاح برامجها والاخلاص في عملها لخدمة الوطن والمواطن.
ورغم سخطه إلا أن فكرة الاصلاح لا زالت تسكن فؤاده وفكره وعقله، واستمر بجهد فردي حيث أنشأ مجلتين الأولى العالم العربي والفكر الجديد.
بعد عام 1903 وجد ضالته في جماعة الاخوان التي انضم اليها واستمر فيها إلى أن لقي ربه.
أصبح سيد قطب رائد الفكر الحركي الاسلامي بعدما لقيه من ترحيب من جماعة الاخوان المسلمين بمصر فأصدر جريدة الإخوان.
و في هذه المرحلة اعتقل مرات عديدة، حيث عذب مع إخوانه تعذيبا شديدا رهيبا سنة 1945.
وحكمت عليه المحكمة خمسة عشر عاما قضى منها عشر سنوات ثم أفرج عنه بعفو صحي سنة 1945.
وفي سنة 1965 اعتقل مرة أخرى وعذب تعذيبا لا يكاد يوصف حيث حكمت عليه المحكمة بالاعدام، تطوع محامون كثر للدفاع عن هذا المفكر الكبير لإلغاء عقوبة الاعدام، ولما علموه من وجود محاكمات صورية وظلم بين، حتى حاولت منظمة العفو الدولية إرسال أحد أعضائها المحامين لحضور المحاكمات بصفة مراقب لكن الحكومة المصرية لم توافق.
أثار حكم الإعدام على سيد قطب وأخوية محمد يوسف وعبد الفتاح اسماعيل الكثير من الاحتجاجات ومعارضة كبيرة في كثير من البلاد العربية والاسلامية.
أحمد رائف صاحب كتاب سراديب الشيطان يروي في كتابه أن الملك فيصل تشفع في سيد قطب.
إلا أن قذارة جمال عبد الناصر وكرهه الشديد لهذا المفكر العظيم، جعلته يقرر تنفيذ حكم الإعدام عليه.
يتابع أحمد رائف عن الملك فيصل قوله أرسلت إلى جمال عبد الناصر أن يطلقه حيا، ويطلب فيه ما يشاء ولكنها إرادة الله، ولكل أجل كتاب ولابد لهذه الأمة من شهداء.
أعدم السيد قطب في فجريوم من أيام عام 1966 وأقيمت عليه المآثم في البلاد الاسلامية ، ولكن فكره ما زال حيا ولن يستطيع أحد إعدامه. 

قد يعجبك ايضا

التعليقات متوقفه